بسم الله الرحمن الرحيم الثأر
يختلف
مفهوم الثأر من جماعة بشرية لأخرى وقد ورد فى المصباح المنير للمقرى
الفيومى ج1كتاب الثاء ص121"والثأر الذحل بالهمز ويجوز تخفيفه يقال ثأرت
القتيل وثأرت به من باب نفع إذا قتلت قاتله "وتعريف الثأر بأنه "قتلت
قاتله"يعنى أنه ليس مشكلة ولا ظاهرة سيئة لأنه تطبيق لحد القصاص أى "النفس
بالنفس "أما جماعات البشر فمنهم من يتفق مع هذا التعريف ويطبقه ومنهم من
يجعل الثأر هو قتل القاتل ومن يجده من أهله ومنهم من يجعله قتل القاتل ومن
يلقاه من أهله والإعتداء على أموالهم بشتى الوسائل الممكنة والمشكلة هى فى
هذه التعاريف وحتى التعريف الأول مع إتفاقه مع الإسلام إلا أن تطبيقه تشوبه
عدة عيوب أهمها القتل قبل التحقق من القاتل والغضب الذى يعاقب به أهل
القاتل من خلال هروبهم من البلد أو قعودهم داخل بيوتهم محبوسين مما يتسبب
فى تعطل المصالح الإقتصادية والتعليمية بسبب حمل عائلة القتيل للسلاح
ووقوفهم أمام بيت القاتل وأقاربه وعدم إنتظار حكم القضاء بقتل القاتل أو
ببراءته ومن ثم نحن فى الثأر أمام عدة مشاكل وليس مشكلة واحدة
هل الثأر جريمة ؟
الجواب
الثأر على نوعين1- الثأر الإسلامى وهو أن يقتل أحد أولياء القتيل القاتل
بعد إصدار القاضى حكمه بقتله وهذا تنفيذ قوله تعالى بسورة الإسراء "ومن قتل
مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا "2-الثأر
الكفرى وهو أن يقتل أهل القتيل القاتل أو غيره من أهله أو هم معا فالمهم
هو الزيادة وهو ما سماه الله الإسراف فى القتل وهو على نوعين :
أ-قتل غير القاتل وهو ما يخالف قوله تعالى بسورة الإسراء "ولا تزر وازرة وزر أخرى"
ب-قتل عدد
أكبر من المقتولين من عائلة القتلة وهو ما حرمه الله لأنه لا يحقق القصاص
وهو المماثلة فى العدد وطريقة القتل ومن ثم فيجب أن نسمى الثأر الذى يمثل
مشكلة الإسراف فى القتل وهى تسمية مأخوذة من قوله بسورة الإسراء "فلا يسرف
فى القتل "ولا يجب تسميته ثأرا لأن الثأر منه المباح والمحرم
معتقدات ثأرية
لدى الناس
قديما وحديثا معتقدات منها الهامة وقد جاء فيها "والهامة من طير الليل وهو
الصدى وتزعم الأعراب أن روح القتيل تخرج فيصير هامة إذا لم يدرك بثأره
فيصيح على قبره اسقونى اسقونى حتى يثأر به وهذا مثل يراد به تحريض ولى
القتيل على طلب دمه فجعله جهلة الأعراب حقيقة"وهى خرافة ولذا ورد "00ولا
هامة "وهذا يعنى أنها كذبة لأنها تولد نوع من نوع أخر فالإنسان يلد طير
وهذا محال لأن كل نوع يلد مثله إلا إذا حدث اختلاط بين نوعين فيتم إنجاب
نوع ثالث مثل زواج الخيل والحمير ينتج البغال ثم إننا لا نشاهد ليلا أو
نهارا طيورا تقف على القبور ومنها قبور المقتولين إلا فى حالات قليلة ومن
هذه المعتقدات قولهم الثأر ولا العار وهو مثل يبين لنا أن عدم أخذ الثأر
يجلب على عائلة القتيل الخزى والفضيحة وسط الناس وهو تخريف لأن عدم الأخذ
بالثأر يعنى العفو الذى أباحه الله لأهل القتيل فقال بسورة البقرة "فمن عفى
له من أخيه شىء "وهو التصدق به فهو كفارة له"وما أباحه الله لا يكون أبدا
عارا ولا فضيحة وإنما عزا ونصرا .
أسباب الثأر
إن قيام أهل القتيل بقتل القاتل أو غيره من أهله أو هم كلهم يعود لعدة أسباب هى :
1- الجهل بأحكام الإسلام فى القتل 2- بطء القضاء فى إصدار الحكم على القاتل
2- التشريعات الوضعية المخالفة للإسلام 4-العلاقة السيئة بين الشرطة والناس
1- عجز الشرطة عن جمع السلاح من الناس وإيقاف تجار السلاح عن تجارتهم
ونحن هنا نتحدث عن الوضع الحالى فى العالم الإسلامى اسما المحكوم بالكفر
وأما أسباب القتل فى الوضع الحالى فهى
1- لعب الميسر 2-تناول الخمر ومنها المخدرات
3-العوالم والغوازى والراقصات والفنانات فالصراع على نيل رضاهن يؤدى للقتل
4-أكل الحقوق فمن يتم أكل أموالهم نتيجة إستمرار ظلمهم يدفعهم هذا لقتل من أكلوا حقوقهم وفى مثل هذا قال طرفة بن العبد :
ما تنظرون بحق وردة فيكم صغر البنون ورهط وردة غيب
قد يبعث الأمر العظيم صغيره حتى تظل لد الدماء تصبب
والظلم فرق بين حيى وائل بكر تساقيها المنايا تغلب
أدوا الحقوق تفر لكم أعراضكم إن الكريم إذ يحرب يغضب
6-الزنى
فالعديد من الزناة والزانيات لقوا حتفهم على أيدى الأزواج والأقارب ومن
أمثلة هذا تاريخيا قتل ابن الدمينة لامرأته وعشيقها-والله أعلم بصحة وقوعه
من عدمه -وفى هذا قال فى قتل العشيق:
لك الخير إن واعدت حماء فالقها نهارا ولا تدلج إذا الليل أظلما
فإنك لا تدرى أبيضاء طفلة تعانق أم ليثا من القوم قشعما
فلما سرى عن ساعدى ولحيتى وأيقن أنى لست حماء جمجما
وقال فى قتل زوجته :
إذا قعدت على عرنين جارية فوق القطيفة فادعوا لى بحفار "الأغانى للأصفهانى ج17ص96 )
6-النزاع على حدود الأرض وما يتعلق بنوبات الرى نتيجة السياسات الخاطئة
7-إخفاء
جريمة والمراد به أن المجرم ليخفى شخصيته فى بعض الجرائم يضطر للقتل فمثلا
يقتل السارق المسروق إذا قاومه أو شاهد وجهه ومثلا يقتل السارق من يبلغه
أنه يريد مالا مقابل السكوت عن الإدلاء بشهادته
وهذه معظم الأسباب وليست كل الأسباب
الإصلاح:
إن حدوث
جريمة قتل فى بلاد المسلمين يستوجب الإصلاح بين العائلتين وفى هذا قال
تعالى بسورة الحجرات "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما
"و"إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم "والإصلاح يبدأ بدعوة القاضى أو
والى البلدة أو أى مسلم من غير العائلتين أفرد العائلتين للصلاة فى مسجد
يحدده الداعى فور العلم بالجريمة وفاعلها وبعد إقامة إحدى الصلوات المفروضة
يقوم القاضى خطيبا فى الجمع فيبين لهم أحكام القتل فى الإسلام ويعلم عائلة
القتيل أنه سيمكنهم من قتل القاتل فور انتهاء التحقق من قتل المتهم له
ويطلب القاضى من العائلتين البقاء فى مساكنهم دون الذهاب أو المرور بمساكن
العائلة الأخرى تجنبا لحدوث اقتتال بينهم كما يطلب من عائلة القتيل رأيها
هل القصاص أم العفو منذ البداية ويحثهم على العفو ويذكرهم بآيات الوحى
ويأمر القاضى الشرطة التواجد فى شوارع سكن الأسرتين دون مضايقة لهم وأما
إذا حدث اقتتال قبل الدعوة للصلح أو بعدها فالواجب هو أن تفصل الشرطة بين
العائلتين بالحديث أولا ثم بالقوة ثانيا إن لم يستجيبوا لأمر الفصل وبعد
هذا يدعوهما للصلاة فى المسجد بعد معرفة عدد القتلى من الجانبين ومعرفة ما
تلف من ممتلكات وتقديرها ماليا ثم يبدأ فى الإصلاح بين الفريقين ويصدر
أحكامه على القتلة وعلى المتلفين ويوقع الصلح بشهادة أهل الحى أو البلدة
وإذا حدث بعد هذا الصلح بغى أى إعتداء من فريق على الأخر فالواجب هو إصدار
أمر للشرطة بقتال الفريق الباغى إذا لم يتب أى يفىء للحق فإن عادوا للحق
أصلح مرة أخرى بعد حكمه على الباغين وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات "وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى
فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين "
هل يجوز لعائلة القتيل قتل القاتل إذا حكمت المحاكم الوضعية بسجنه ؟
حكم الله
هو قتل القاتل ومن ثم لو قتلت عائلة القتيل القاتل بعد خروجه من السجن فلا
شىء عند الله عليها لأنها نفذت حكم الله والذنب على القاضى الذى حكم وعلى
الحكومة ومجلسها التشريعى
لا تنسون الرد والتقييم لا هنتم